الجنون فنون

كان هذا اثناء دراستي .. عندما التقيت بكافيه بصديق اعرفه .. وجلسنا نتحدث .. ثم قطع صديقي حديثه فجأة .. وقال لي مسرعا .. انه قادم .. فسالته من هو .. قال .. لا تنظر خلفك انه شخص اعرفه .. انه مجنون  .. وما ان اكمل حديثه .. حتى وجدته امامنا واقفا .. كان شابا صغيرا ومؤدبا .. حيث ابتدرنا بالسلام والمصافحة ولم يجلس حتى طلبنا منه ذلك فجلس 

لم تبد عليه اية اعراض غير طبيعية فكل حركاته وسكناته طبيعية .. ثم فوجئت بصديقي يسأله .. شخبارام كلثوم .. فتنهد الشاب وقال طلقتها .. فرد عليه صديقي افا ليش .. قال هذا الشاب .. لا انكر انها شخصية لطيفة ورائعة .. ولم اكن اجلس معها كثيرا بسبب ارتباطاتي .. لكنها ذات ليلة طلبت مني ان احضر حفلتها الجديدة .. وكنت على موعد سفر .. فأجلت سفري من أجلها .. وحضرت حفلتها .. ففوجئت بها وهي تغني اروح لمين .. فغضبت .. كيف تروح لمين وانا جالس امامها .. فطلقتها ..

فوجئت بكلام هذا الشاب .. فالسيدة ام كلثوم رحلت عنا منذ سنين طويلة هي بعمر هذا الشاب .. لكني فضلت الصمت .. حيث سأله صديقي .. انزين وشخبار اميركا .. فرد الشاب .. شوف اميركا انا اللي سميتها اميركا .. وانا اللي اكتشفتها .. فسألته كيف اكتشفتها .. فقال .. بالصدفه كنت راكب الطراد مالي وضعت في البحر وللا اشوف هالارض .. واخذت اقلّب امرها فوجدتها ارض مو مكتوبة في اي خريطة .. فدخلتها وسويت بيوتها وناطحاتها وشركاتها ورصفت شوارعها وسويت انارتها .. بعدين ارسلت لكل صحف العالم اللي يبي يصير اميركي يتفضل .. وكل يوم اروح للبحر انتظر ,, وبعد كم يوم حضروا ملايين البشر .. واي واحد ينزل من البحر اسلمه جنسيته وجوازه  وقول له هذاااك بيتكم ياللا انطلق .. وبعد ماسويت اميركا وسويت لهم شعب .. رديت لبيتنا 

ثم سأله صديقي .. وشخبار الهند .. فرد الشاب .. والله اتصلوا فيني من جم يوم .. وقالوا لي بان الصين بتحاربهم .. جان اروح بسرعه للحدود الصينية الهندية ووقف ( وأقف ) بين الجيشين وقول لهم .. مو عيب عليكم .. جيران تبون تتحاربون .. معقوله .. جان تستحي الصين من كلامي وخفضوا روسهم ( رؤوسهم ) من الخجل .. فقلت للهنود والصينين .. ياللا كل واحد يروح بيتهم ياللا  .. وتفرقوا ورديت لبيتنا .. وللا كانت بتصير حرب 

فابتسمت .. لكني لم اتكلم .. ولم يجلس كثيرا حيث استأذن منا وغادر المكان .. فنظر لي صديقي وقال لي .. شرايك فيه نواف تهقا مجنون .. قلت له  .. هو ينفصل عن واقعه فجأة عندما تتكلم معه عن شخصيته الثانية .. حيث ترد اليه بلمح البصر .. لكنه تغادر على الفور بعد ان يتم كلامه .. فاستغرب صديقي وقال يعني معاه انفصام بالشخصية .. قلت .. الاعراض تقول جذيه .. لكن بالطبع يحتاج لجلسة تشخيص حتى يمكن تحديد حالته بشكل ادق ..

ثم استأذنت معه وغادرت الكافيه .. وعندما اقتربت من سيارتي شاهدت الشاب واقفا .. ولم يلمحني .. فاقتربت منه .. وقلت له مرحبا بعالمنا الكبير .. فنظر اليّ ورد بابتسامة عريضة .. مرحبا اهلا .. قلت له  .. شنو الشهادة اللي عندك اكيد دكتوراه .. فامتعض وقال .. مافيه شهادة في العالم  الا لزوم اوقعها بنفسي تقولي انا دكتوراه  انا احمل اكبر شهادة عرفها التاريخ .. قلت له .. ماشاء الله تبارك الرحمن .. انزين عندك سيارة وللا تبيني اوصلك .. فرد اخوي كاهو راح اجيب سيارته اهنيه .. قلت له وليش مارحت معاه .. فرد .. انا رجل عالم وخاف انخطف ويجبروني اعلمهم العلم اللي عندي .. فسكت وانتظرت .. وعندما حضر اخوه  سلم علينا .. فأشرت له اشارة خفيفة باني اريده .. ففهم .. وعندما ركب الشاب السيارة حضر اخوه عندي وقال خير . فعرفته بنفسي وقلت له .. اخوك بحاجة لعلاج فوري .. ان استمرت هذه الشخصية بالظهور قد تتطور فيما بعد الى تصرفات خطرة 

فسألني اخوه بقلق .. كيف .. قلت ..الان حالته مستقرة .. حيث ان شخصيته الثانية لا تحضر الا عند استدعائها .. لكن الخشية لو انها تطورت .. فقد يصحو ليلا وانتم نائمين ويقوم بتجارب في المطبخ او في البيت .. وقد ينتج عن هذه التجارب التماس كهربائي او حريق في البيت او يجري تجربة تقتله .. او يفتح النافذة فيتصور انه يمكنه ان يطير ويقذف بنفسه بالشارع .. او يقذف طفلا من النافذة كونه يتصور انه يمكنه ان يمسك الطفل في الهواء فلا يقع بالارض .. فرد اخوه  .. انه طبيعي في كل شي .. في البيت لا يمكنه ان يتصرف اكثر من اي فرد عادي

قلت .. نعم لكن هذا مؤقتا .. هناك خشية من تطور حالته .. فقال اخوه ولكنه لا يريد الذهاب للطب النفسي .. لقد طلبنا منه ذلك فرفض .. قلت له .. يجب ان تخاطب شخصيته الثانية على انها واقع وحقيقة وانها شخصية عالم كبير ولا يمكنك ان  تخاطبها في غير ذلك فقد يدفعها هذا الامر للغضب او التصرف غير المتوقع .. .. قال  بماذا اخاطبها .. قلت له اذهب اولا للطب النفسي بنفسك دون ان تأخذه معك  واشرح حالة اخوك لهم .. ثم اتفق معهم على انه يحضر لمكتب الطبيب لالقاء محاضرة عن الطب والادوية .. وبهذه الطريقة يمكن ان يستقبله الطبيب على هذا الاساس ويستمع اليه ويسأله دون ان يثير شخصيته الثانية ويتعرف على حالته المرضية .. فانبسطت اسارير اخوه من هذه الفكرة وشكرني .. وغادرا المكان 

اطبع هذه الصفحة