حقيقة الاماني والاحلام

كلنا نحلم كلنا نتمنى ... كلنا يعيش الحلم وينسى همه بداخله .. فنرى الغد جميلا .. فيهون علينا  واقعنا الذي نعيشه .. فمنا الفقير .. ومنا المريض .. ومنها المسجون .. ومنا المديون .. وكلها هموم لا يخففها الا الحلم والاماني .. فما سر هذه الاماني وهذه الاحلام التي لا تراودنا الا اذا مرضنا .. ولا تأتينا الا اذا كنا في حال تحتاج لهذه الاحلام والاماني

النفس البشرية تعيش ماض وواقع ومستقبل .. فهي تتقلب معه حسب تعاملها .. فان احسنت في ماضيها ستجد مازرعته في مستقبلها ... وان استغلت حاضرها بما يكفل لها الحياة السعيدة والكريمة فانها ستعيشه بذات صوره في مستقبلها .. فهي اذن تصنع وجودها من خلال ماذا .. الجواب من خلال ادوات يمكنها الاستفادة منها .. هذا في المجمل العام .. لكن .. يحصل للكثير من الناس انها قد لا تحسن التعامل مع هذه الادوات .. فيذهب شبابها في عمل غير نافع .. ويذهب سعيها في فراغ لم تحسن استغلاله .. فتصطدم بواقع لم ترتب له وضعها .. فتجد نفسها انها مضطرة بان تقبله بكل مايه من ألم او تعب او اكثر من ذلك

طيب .. نفهم من هذا الكلام  .. انها في حال ماذكرنا اعلاه .. اي انها لم تستغل فراغها وادواتها النشطة في تلك الفترات .. فانها حتما لن تجد لها ادوات واقعية وجديدة تتعامل معها .. وهي لا يمكنها ان تعيد الزمن للوراء .. فماذا يحصل .. الجواب .. يقوم المخ بدور هذه الادوات .. وهي ادوار غير واقعية .. فيصنع الحلم والاماني لها ... كي يمكنها ان تقبل واقعها بشي من التطلع للغد ... اي انه يمنحها دافع وهمي لتقبل واقعها .. وغالبا ينجح المخ بهذه المهمة 

لكن .... هذا الحلم لا نفع فيه ... ليه .. لانه لن يغير من الواقع شيئا .. انما هي جرعات كاذبة من الحلم والاماني ... مثل الرجل الذي تجاوز عمره الثمانين حيث اصطدم بواقع اولاده ولم يحسن جمع ماله ليعينه عندما يكبر  .. فان حلم بان يغيّر من واقعه .. فلن يتغير  ... فلا جسده يقوى على العمل .. ولا يمكنه ان يؤسس بيت من جديد .. لكن يمكن مع الحلم ان يضاف اليه واقعية عندما يقرر بان يعيش في مساكن رعاية للمسنين ... فنفهم انه تخلا عن الحلم والاماني واتخذ قرار واقعي بان يعيش في مكان يجد فيه راحته

طيب ..  هناك اماني واحلام يمكن ان تتحقق .. ليه .. لان ادوات تحقيق الحلم متوفرة .. فمثلا المسجون .. يتمنى الحرية .. وبذات الوقت يحلم بان يقبله المجتمع كفرد صالح بعد ان يمضي مدة حبسه .. هذا الحلم يمكن ان يتحقق لانه يرتبط باداة وهي اداة الافراج .. ثم اداة اخرى وهي اداة العمل على الدخول لمجتمعه بروح جديدة وشخصية نافعة .. طيب ليه المخ صنع هذه الاماني والاحلام طالما انها تتحقق .. الجواب ..لان تحقيقها قد يحتاج لوقت طويل .. فعندما يدرك المخ ان المسألة يدخل بها زمن قد تغير فيه نشاط النفس ...  فانه في هذه الحالة يتدخل ليصنع الحلم ...

وهناك مثل اخر .. فالبنت التي يتأخر عليها حبيبها بالزواج منها  .. فان مخها يتدخل لتخفيف الضغط عليها ولكي يعطيها دافع للصبر بان هذا الصبر ستكون نهاية بيت واولاد .. لكن هل هذا الحلم الذي صنعه مخها حقيقة .. الجواب .. قد يكون حقيقة من جانب الرجل لانه يملك الاداة .. لكن بالنسبة للبنت فانه يظل حلم .... حلم فقط

لكن .... الاحلام والاماني تتفرع وتكبر .. فمثلا المسجون يتمنى ثلاث اماني .. الاولى ان يحصل على حكم مخفف والثانية ان يتم الافراح عنه باسرع وقت والثالثه ان يعود لمجتمعه بروح جديدة .. اذن هو يحلم ويتمنى ثلاث ... والمريض يحلم ويتمنى لكن امنيته لا تتجاوز امنيتان .. الاولى ان يشفيه الله سبحانه والثانية ان يرد الجميل لمن ساعده في مرضه وهما امنيتان تترافقان معه لكن يمكن ان تتداخل معه امنية ثالثة وهي العودة لعمله ونشاطه ... لكن المريض عادة همه الاول الشفاء

المخ بسلم لطيف لكل اعضاء الجسم .. هو يصنع لهم الحلم عندما يتعبون .. ويخلق لهم الاماني عندما يدب فيهم اليأس .. ومع ان المخ يدرك من خلال ذاكرته العملاقه لكنه لا يظهر قلقه خوفا على تردي حالة الجسم لكنه يتأثر بالعوامل الخارجية .. فالمخ يحتاج بان يسمع ويرى من يخفف عنه .. ويتألم عندما يسمع من يهبط عزيمته ويدفعه لليأس .. فعندما يمرض الجسد يخلق الاماني له بالشفاء .. وبذات الوقت يعيش القلق ... لذا لا يجوز لمن يزور المريض بان يقول له اليوم حالتك اسوأ من أمس .. بل عليه ان يزرع روح الامل بداخل هذا المريض كي يكون مساعدا للمخ في امانيه واحلامه للجسد

اخيرا .. هناك مسألة يجب الاشارة اليها .. وهي .. ان ماقلناه يرتبط في الاماني المقيدة ... وليست في الاماني المطلقة التي تمتلك ادوات تحقيق الحلم .. فالشاب الذي يحلم بوظيفة مرموقة ويحلم بزوجة صالحة ويحلم في بيت يجمعه مع رفيقةالعمر .. هي احلام تمتلك الادوات لتحقيقها .. وهي ادوات الشباب والقوة والحيوية والنشاط .. وينسحب على هذا الشاب كل الاماني التي يمكن تحقيقها من خلال ادوات صالحة وعاملة ... انما موضوعنا يتكلم عن الاماني المقيدة ... اكرر .. الاماني المقيدة .. مثل المريض مثل المسجون مثل المديون .... الخ 

اطبع هذه الصفحة

تعليقات

  1. مساء الخير ..

    في حال وجود حلم ..وامكانيات .. وعدم وجود العزم على تحقيقه .. هل يعتبر حلم وأمنيه مقيدة أومطلقه !؟

    هي مطلقه لتوفرالأسباب التي تساعد على تنفيذها .. مقيدة بعامل نفسي ..
    اشلون تنحل !؟

    شكرا ابن السور
    زادك الله من علمه
    تحياتي وتقديري


    ردحذف
  2. ارى المخ يصنع الاماني والاحلام انلم يتحقق ما كان يطمح اليه الفرد بعد جهد حتى لا يشعر بالفشل ويكن بامكانه محاوله الوصول لطموح آخر، يعني بدايه جديده للوصول حينها لا يكن وهمي حتى وان فشل مرارا المهم الوصول
    لا ارى وجوداً للاماني المقيده التي ذكرتها فالمريض يشفى والمسجون وان طال حبسه يأتي يوم افراجه والمديون ايضاً بامكانه انهاء ديونه حتى وان طال زمن السداد

    تحياتي لك...

    ردحذف
  3. الجودي

    مساء النور

    الامنية او الحلم المقيد يرتبط بعدم توفر القدرات لتحقيقه لكن في مسألة العزم فهي صفة لخاصية معروف بها .. وبالتالي فان الامنية ترتبط في قدرات غيره لتحقيقها له ..

    شكرا على المشاركة

    ردحذف
  4. ŞΘ๏ŞΘ๏

    سؤال .. عندما حلم او تمنى وهو مريض ثم تعافي باذن الله سبحانه وحقق امنيته .. ماذا نطلق على امنيته وحلمه قبل ان يشفى ... الجواب امنيات واحلام مقيدة .. مقيدة بماذا .. مقيدة بسبب المرض ... اما مسألة انه يفشل مره ومرتين والف ثم ينجح فهذا الامر لا يعنينا .. الذي يعنينا ان اداة تحقيق الامنية اصبحت متوفرة وهي الشفاء ا..

    شكرا على المشاركة

    ردحذف

إرسال تعليق

اقرأ أيضا :

سر رقة البنات بالهاتف

سر تشابه الناس

هل صفات الحيوانات حقيقة

هل زوجتك خائنة

اصنعوا الحياة

هل للحب سرا

عيون المرأة ماسر سحرها

البويات سلوك وعلاج

هل كنا في الارض قبل خلقنا