ثقافة الألم

لا أحد منا يحب الألم .. وبعض منا قد لا يحتمله ..  اي لا يصبر عليه .. فتجده يتألم بتقلصات في وجهه واضحة .. ويتذمر وتستمر زياراته للاطباء لاخذ المسكنات .. والألم ثلاث .. ألم يرتبط باداة عضوية .. يعني ألم له سبب يرتبط بعضو في جسم الانسان .. فمثلا الصداع قد يرتبط سبب ألمه بأكثر من عضو .. فهذا ألم يمكن معرفته وكشفه من خلال الفحوصات  .. وألم لا تعرف اسبابه ومجهول مصدره .. حيث تجرى للمريض كل الفحوصات اللازمه ومع هذا لا تظهر اية دلائل على ان عضو في جسد المريض هو سبب هذا الألم .. وهذا الألم مشكله بالنسبة للمريض حيث تستمر معاناته دون ان يتمكن الاطباء من تخفيفه او معرفة اسبابه 

فهو اي الألم لا يتجاوب مع اية ادوية او مسكنات مهما كانت قوتها .. لكن احيانا المريض يتفاعل مع اهتمام الطبيب واخذه للدواء فيحس براحه مؤقته .. يعود اليه الآلم بمجرد خروجه من المستشفى .. وحتى أبيّن لكم هذه المشكله بشكل ادق وأوضح سأضرب لكم مثالا ( ولله سبحانه المثل الآعلى ) 

لنفترض ان لديك حنفية في المطبخ هذه الحنفيه ينزل منها الماء فلا يمكن قفله مهما حاولت .. فتضطر بان تتصل بالسباك وهو العامل المختص لاصلاح هذه المشكله .. فيأتي السباك ويقوم بقفل محبس الماء .. ولكن الحنفيه لا يتوقف عنها نزول الماء .. فيستغرب السباك .. كيف ينزل الماء والمحبس الموصل لها مقفول .. فيذهب ويقفل المحبس الذي يوصل الماء لمحبس الحنفيه ويأتي للمطبخ .. فيجد ان الحنفية لا زال الماء ينزل الماء .. فيزداد استغرابه .. فيفقل كل محابس الماء في الشقه ويأتي للمطبخ .. فيجد ان الحنفية لا زال الماء ينزل منها .. فيحتار .. وتدله خبرته على الابتكار .. فيصعد سطح البنايه ويقفل محبس الماء بالكامل عن الشقه .. وينزل الى المطبخ فيجد ان الحنفيه لا زال الماء ينزل منها .. هنا يضطر السباك بان يستسلم ويخبر صاحب الشقه ان ليس لديه اي حل لعلاج هذه المشكله

بالضبط هذا ما ينطبق على الآلم الذي لا تعرف اسبابه .. فمحبس الماء هي الفحوصات التي تجري له .. حيث تجري لكل محبس اختبار ثم حين لا تظهر نتيجه يقوم الاطباء بالفحص الشامل وهو اشبه بقفل محبس الماء الرئيسي عن الشقه .. فماذا يفعل الاطباء في علاج هذه المشكله .. يقوم الاطباء باعطاء المريض مسكنات قويه لتخفيف هذا الألم .. لكن الألم لا يتجاوب مع هذه المسكنات .. فتستمر معاناة الاطباء مع هذا المريض وتستمر معناة المريض مع هذا الألم 

طبعا لا زلنا نتكلم عن الألم الثاني .. حيث قلت بان الألم ثلاث .. وتكلمت عن الآلم الآول وهو الصداع المعروف اسبابه ثم نحن الان نتكلم عن الألم الثاني الذي لا تعرف أسبابه .. طيب ..ماذا يفعل الاطباء لعلاج هذه المشكله .. قلنا انهم يقومون باعطاء المريض المسكنات .. هذه المسكنات نوعين .. الاول مسكن يذهب لموقع العضو المصاب فيقفل رسائل المريض التي تحملها الاعصاب للمخ .. والثاني مسكن يقفل توصيل اية رسالة من الاعصاب للمخ .. وبما ان هذا المريض لا زال الآلم مستمرا لديه .. فمعنى هذا ان الرسائل تصل للمخ فمن اي طريق تذهب رسائل الآلم اذا كانت الاعصاب كلها مقفوله .. 

هذا السؤال اجابته هي المشكله  .. ليه .. لان لا توجد في جسم الانسان اي طريق لتوصيل الرسائل الا بواسطة الاعصاب التي تحملها الدم .. طيب .. هذا ماذا يقودنا .. اختلف العلماء في هذه المسألة .. فمنهم من رأى ان هذا الموضوع حلّه يأتي مع الوقت .. عندما تتوفر الادوات العلمية التي تمكن العلماء من معرفة هذا السبب .. ومنهم من ذهب الى ان هذا الامر يرتبط بعامل نفسي .. وهذا الرأي هو المرجّح حاليا عند العلماء .. لكن بالنسبة لي فانا أختلف في تفسير هذا الآمر وسبق لي وان قدمت بحثا في هذا الموضوع تم أخذه بعين الجدّيه

هذا الرأي الذي عرضته في بحثي هو:

ان هناك ادارة سرية في جسد الانسان تنشط احيانا .. ونشاطها مرتبط بعامل غامض ومجهول .. وأرجح ان الادارة السرية مرتبطة بالقلب .. وحتى أعطيكم دليلا على كلامي .. ان جسد الانسان لا ينام .. فالمخ يتعب لكنه لا ينام .. والمخ كما نعرف هو الذي يدير الجسد وليس من المعقول ان يصدر امرا بوقف الدم عنه كي يغيب .. فماذا يحصل .. انتبهوا .. القلب هو الذي يمنع الدم عن المخ تدريجيا وببطء شديد حتى يغيب المخ ويخدر وينام  .. طيب كيف عرفنا .. عرفنا ان المخ عندما ينام  فان هناك ادارة تتسلم القيادة .. وهي القلب .. فان كان المخ هو الذي اصدر اآمر بان يوقف الدم عنه .. فتم ايقاف الدم عنه ونام .. فمن يصدر امر ثاني كي يصحو من نومه

وبذلك نتأكد ان القلب هو الذي يتسلم الادارة وهو الذي يعرف الوقت الذي يمكنه ان يضخ الدم ثانية للمخ كي يصحو .. اذن .. نفهم ان الادارة السرية قد تكون مرتبطة بالقلب  .. وادوات القلب هي الدم .. فالمخ ادواته التي يحكم بها هي  الاعصاب والقلب والكلى والبنكرياس والرئة والدم الخ .. لكن القلب كادارة سرية داخلية لا نعرفها لكن نعرف ان من يساعده في هذا الامر وبشكل حاسم هو الدم

اذن الجواب في الدم .. وبذلك قد نكتشف مستقبلا شيئا ما في الدم لا نعرفه اليوم .. وهو بالضط في هذه الجزئية يتفق مع قول العلماء بان الوقت يمكن ان يكشف هذا الغموض ..

 طيب .. الألم الثالث هو الذي لا يحتاج لفحوصات لمعرفة العضو المصاب ..  .. مثل ألم الفراق وألم الخيانة وألم الذكريات الخ .. هذه لا ترتبط في عضو في الجسد لكنها تكون عادة نتيجة قرارات .. يعني الفراق كيف يتم .. الجواب يتم نتيجة قرار يتخذه الطرف الاخر فيتم الفراق .. والخيانة كيف تتم .. الجواب تتم نتيجة قرار يقوم به الطرف الاخر .. وهكذا ..

اذن اسباب هذا الألم كان نتيجة قرار .. وهذا الألم عاصف لانه يتغلغل في النفس .. فيفقد الشخص كل ارتباطه بمن حوله .. حيث قد يصاب باحباط عنيف يجعله يعتزل الناس بسبب الخيانة  مثلا .. فالخيانة تصدم الاحساس النظيف وتجرحه .. والعلاج يكون دائما بمهدئات تخفف عنه هذه اللوعة وهذا التعب .. والجهة المختصة لعلاج مثل هذه المشاكل هي العيادات النفسية التي تبحث في الاسباب لعلاج جذرها الاساسي

‏اطبع هذه الصفحة