جينز واحساس

كنت مستغرقا بتفكير لا اذكره .. عندما دخلت السكرتيرة تستأذنني بطلب احدى الطالبات بمقابلتي .. فوافقت بهزة خفيفة من راسي دون ان أتكلم .. حيث دخلت عليّ طالبة ترتدي جنيزا ضيقا  ومسدلة شعرها باهمال غريب .. ووقفت امامي دون ان تتكلم .. فتعمدت بان لا انظر اليها كي ادفعها للكلام .. لكنها تسمرت واقفة .. فقلت لها دون ان ارفع راسي .. نعم تفضلي .. فقالت بارتباك شديد .. انا اريد ان انسحب من مادة الادراك الحسي ..

فاستغربت .. وقلت لها ... كيف تنسحبين هذه مادة الزامية .. قالت .. نعم ادرك هذا .. لكني لا افهمها .. انها متعبة ولا استصيغ هضمها .. قلت لها بهدوء ..  وربما مدركة ايضا موافقتك عليها عندما قبلتك الكلية ..  قالت .. نعم .. فاشرت لها بان تجلس ... فجلست على الفور .. فابتسمت .. وقلت لها ... ها انتي مدركة حسيا اهمية حوارنا .. هذا يعني ان المادة بسيطة ويمكنك هضمها وفهمها .. فاستغربت .. وقالت ... كيف .. قلت .. لم جلستِ على الفور .. فارتبكت ..

فأكملت .. الجواب سهل .. وهو انكِ ادركتي بحسج ان حوارنا قد يحل مشكلتكِ .. اليس كذلك .. قالت ... نعم .. قلت اين المشكله

قالت .. المادة ثقيلة .. فابتسمت ... وقلت لها .. هذا لانكِ تدرسينها من كتاب .. عليكِ ان تفهميها بالاول .. عليكِ ان تستوعبي شرح مدّرسكِ لها .. انه يضع الاسس لفهم هذه المادة .. الكتاب يضع قواعد واسس المادة ولا يمكن فهمه دون شرح ... والمدّرس يخرج هذه القواعد بقالب مبسط ومفهوم .. فسكتت ..

فقلت لها .. ها أنتي ثانية ادركتي بحسج اهمية كلامي .. وسكوتكِ يعني انكِ بدأتِ التفكير .. حسنا هذا جيد .. وهذا يجب ان تطبيقه اثناء المحاضرة  .. عليكِ ان تخرجي الاسس والقواعد الميتة داخل الكتاب لحياة .. انظري لما حولك واثيري حسكِ لتفهميه .. فقالت .. وماذا تنفع هذه المادة في فهمي للاعصاب .. انا ادرس طب اعصاب ..

فسكت .. ثم قلت لها .. هل ترين هذا الكتاب .. فالتفت واخذت تنظر اليه .. فقلت لها .. حسنا فسّري لي الان ... لم التفت ونظرتي للكتاب .. فارتبكت ... ثم قالت .. انها رسالة نقلتها الاعصاب للمخ .. فقلت ..  اي ان الاعصاب تبث الرسائل .. قالت .. نعم تستقبل وتبث .. فابتسمت .. ثم قلت لها .. وهذا يعني ( ايضا ) ان هناك ادراك واعي أمكنه بان يفهم الرسالة ..

قالت .. نعم .. قلت .. وهذا الادراك اما ان يكون حسي او مباشر .. قالت .. نعم .. فابتسمت .. وقلت لها .. ها أنتي  ثالثة تجيبين على اسألتي بنجاح .. وهذا يعني ان مادة الادراك الحسي ليست صغبه على الاطلاق

فاستغربت .. وقالت .. هل تقصد ان الادراك ارسال واستقبال .. فهززت راسي بالموافقة .. فقالت .. كل هذا الكتاب وهذه المحاضرات تقع ضمن هذا المفهوم .. فهززت راسي ثانية بالموافقة .. ثم قلت .. مع زيادة فهم اكثر ان هذا يشمل الترابط بين الادراك وبين الاعصاب .. هذه مهمة المدّرس كما تعرفين ... فابتسمت .. ثم وقفت .. فقلت لها .. لم ابتسمتِ .. فقالت لاني فهمت قواعدها .. فقلت لها .. وهذه الابتسامة تعني ان المشكلة انتهت او انحلت هل هذا صحيح .. قالت .. نعم .. قلت .. اذن انا ادركت بحسي هذا الشي .. وانتي استقبلتي من خلال الاعصاب كل كلامي وادركتي بحسج ان المادة ليست صعبة .. قالت .. نعم ..

قلت .. اذن هناك ترابط .. ولا يمكن فصله .. وهذا الترابط لا يمكنك فهمه ( ايضا ) دون مدرس .. ربما التركيز اثناء المحاضرة يحل المشكلة اكثر  .. فابتسمت موافقة لكلامي .. ثم شكرتني وادارت ظهرها منصرفة ..

وعندما وصلت عند الباب .. قلت لها .. هناك خيط رفيع عليكِ فهمه ان  الاعصاب والادراك الحسي مشترك بين البشر جميعا .. وان الاعصاب يمكنها ان تبث رسالة للمخ دون ان تستقبل رسالة مباشرة من احد .. فقد تستقبل من نظرة او حركة او سلوك خاطيء من خلال اجهزة تزودها بهذا الامر فالاعصاب لا نظر لها .. لكنها تستلم الاشارة ..

فوقفت .. ونظرت الّي .. فأشرت الى بنطالها .. وقلت لها .. وربما ( احيانا ) يساء فهم الادراك الحسي الذي ربما يكون مسؤولا اذا جاء على هذا النمط  .. وقد يفسر في غير محله .. هذا يعتمد على طرق الخطاب الحسي المستقبل والمرسل ... وليس شرطا بان يكون بالتعبير المباشر .. انه ادراك حسي يعتمد على اشارة .. وعلينا دائما بان نحسن من هذه الاشارة لتكون في مكانها الصحيح والرائع ..  واشرت لها بان تكمل خروجها .. فخرجت وقد فهمت الرسالة بكل تأكيد

اطبع هذه الصفحة