ابكيتيني ياستكانه



الكاتبة استكانة من الكتاب الذي استمتع جدا بقراءة مايكتبون .. فهي كاتبة من العيار الثقيل .. والخفيف على النفس والقلب .. واخر ماكتبته هذه الكاتبة الرائعة مقالة حملت عنوان - لبياض امي - هذه المقالة ابكتني .. لانها ذكرتني في انسان عزيز جدا على نفسي وقلبي .. وهذا الشخص له قصة  غريبة جدا .. وعجيبة جدا ..

وربما لم تمر على احد منكم .. لكنها مرت عليّ .. ولا أحد يعرفها غيري ...

هذا الرجل لديه ابنتان .. يحبهما حب جنون .. اهتم بهما .. ومنحهما كل وقته وحياته .. حتى كبرتا .. وخرجتا من بيته لبيت الزوجية .. وانقطعتا عنه .. واصبح التواصل بينهما بالهاتف والرسائل .. لكن ....

كان هناك فراغا دائما وعظيما في نفسه .. وفي مشاعره وفي فكره .. حيث انطوى على نفسه .. وابتعد عن مجتمعه .. ولم يعد يظهر لاصدقائه واهله كما كان يفعل سابقا

لكنه كان يختفي كل ظهر ... فلا احد يعلم اين يذهب .. ولا يعود الا بعد الثانية ظهرا .. كان يخرج من بيته الساعة 12 ويعود الساعة 2 ظهرا محطما يائسا حزينا ...

اخبرتني زوجته بحالته وهي مستغربه من تصرفه .. ولا تعرف ماذا اصابه .. لكني عرفت مابه .. وفهمت ما أصابه .. وعند الساعة 12 ظهرا ... ذهبت لمدارس بناته السابقة .. فوجدته جالسا على الكراسي .. ينتظر خروجهن كما كان يفعل سابقا .. احترمت حالته ولم اكلمه .. وجلست في مكان بعيد اراقبه في سيارتي .. وانا صامت وحزين ومتكدر ..

وعندما خرجن الطالبات .. وقف ينظر اليهن .. وكأنه ينتظرهما من جديد .. لكن لم يأتيا .. وهو ينتظر .. حتى لم تبق في المدرسة طالبة واحدة .. ثم ركب سيارته وعاد لمنزله .. وكل يوم يذهب لمدارس بناته عندما كانتا يدرسان ... مرة للابتدائي ومرة للاعدادي ومرة للثانوية ..

ذهبت لاحد حراس المدرسة .. وسألت عنه .. فقال .. هذا الرجل اعرفه منذ مدة طويلة .. فناظرة المدرسة التي اعمل بها كانت ترفض نقلي من مدرستها .. وكان يحضر مع بناته .. وبناته تخرجتا من الجامعه ونسوه .. فهو يحضر كل يوم للمدرسة ويجلس على هذه الكراسي ينتظر بناته .. لقد رأيته مره يبكي ..

تقطع قلبي وشعرت بحزن شديد لاجله .. وكان لابد من عمل سريع وعاجل ... يعيده لحياته الطبيعية .. ويرد ابتسامته .. فاتصلت في بناته وقلت لهن .. هل تردن ان تعرفن اين يذهب الوالد كل يوم الظهر .. فرددن  بلهفه نعم .. امي تقول يمكن متزوج .. فقلت .. حسنا .. ان كنتن تردن معرفة هذا الامر فاني انتظركما في المكان كذا ... وحددت الساعة واليوم

وحضرن مع ازواجهن .. ورأين والدهن وهو جالس حزين على كراسي المدرسه ينتظرهن .. وهو يلاعب سبحته ... ورأسه منكس نحو الارض .. .. وعندما رأين هذا المنظر .. ذهلن .. واخذن يبكين بحرقة شديدة ..

فقلت لهن .. شحقه ( لماذا ) تبجون ( تبكون ) .. ابوكم لازال يشوفكم اطفال في عينه .. وانتما ترفضان نظرته .. وهو لا يزال يريدكما تلعبان في بيته .. وانتما رفضتما لعبه وفرحته ... وفضلتما عليه حياتكم الخاصة ... التي كان هو يقدمها لكما رخيصة وبدون ثمن ...

ولم ينتظرن بقية كلامي ..

وتراكضن نحوه وهو جالس .. وارتمين في حضنه يبكون مثل الاطفال .. وذهل ابوهما عندما شاهدهن .. وقد ابكي هذا المنظر الحارس وبعض المدرسات ممن عرفن بقصته .. ونزلت من سيارتي .. واتجهت نحوه .. ثم اخذت شنطة كل بنت منهما ... وسلمتها لابوهما .. وقلت له بصوت مختنق .. رد فيهما للبيت .. مثل ماكنت تسوي هذا الشي ... من سنيييييين طويله ...

يالله ماأصعب شوق الاباء والامهات لابنائهن الذين اشغلتهم الحياة عن السؤال عنهما


اطبع هذه الصفحة

تعليقات

  1. :) الله يديم المحبة ويرزقنا طاعة الوالدين

    ردحذف
  2. ام حروبي

    امين يارب
    مشكورة ام حروبي على المشاركة

    ردحذف
  3. ابن السور أتصور ...وقد أكون مُخطئة أن هذا الأب يملك قلب خُلق من جوهر ثمين وهم قلة لكنهم من أكثر الناس شقاء يرون أنفسهم من خلال أبنائهم ويرونهم محور رئيسي ومهم .
    وعواطفهم تكبلهم أكثر مما تسعدهم ....وتبقى كل حالة فريدة وبحاجة للفهم ولنظرة مختصة كنظرتك ,أسعدك الله كما أسعدته وساعدته .

    ردحذف
  4. الحياة الطيبة

    لستِ مخطئة .. انها الشفافية المطلقة والمقلقة .. حيث ان عصرنا الحالي مادي ولا يتعامل بهذه الروح السامية الرائعة .. ثم نضف اليها عنصرا ارى انه لا يبعد كثيرا عن حالته وهي تعذيب الذات .. فهو على علم بحبهما له وعلى علم بانشغال بناته في حياتهما الخاصة التي عمل هو على ايجادها لهما .. وان كان هناك شيء من البعد عنه وهو كذلك .. فانه لا يرتقي الى تعذيب الذات في صور انمحت وحلت مكانها صور واقع عليه ان يتعايش معها ويعترف بها
    لن تعود صور بناته السابقة وهما في ملابس المدرسة الى الواقع ثانية .. وكل مايفعله هو عبث يزيد من همه وحزنه ويزيده قتامة فلا يرى واقعه بصورته الصحيحة ..
    نعم .. تألمت لحالته .. ولمت بناته على عدم تواصلهما معه .. حيث ان الله سبحانه وتعالى اوصانا بصلة الرحم وخاصة الوالدين عند الكبر .. وعليهما تفقده والسؤال عنه وزيارته والجلوس معه .. لكن هذا ليس دافعا بان يجعل من عدم تواصلهما معه باعادة صورتهما القديمة وهما في مريول الروضة وملابس المدرسة ..
    لقد انسلخ فعلا عن واقعه .. بعد ان احس انهما تركاه ونسيا رعابته وحبه لهما .. وضاق صدره انهما فضلا ابنائهما وزوجهما عليه .. متناسيا انهما امهات وان غريزة الام تجعلها تنسى نفسها من اجل ابنائها .. وهو فعل ذلك ذات يوم .. ونسي نفسه وفضلهما على كل شيء من حوله .. انها دورة الحياة ..
    كان لابد له من صدمة حقيقية وعاجلة تعيد توازنه الذهني مع واقعه وهذا لن يأتي بالكلام .. لكن يأتي بحدث يمحي صورة الماضي من ذهنه
    لذلك احضرت بناته له وهو جالس امام المدرسة .. ليرى بنفسه البون الشاسع بين الاطفال الذي يجلس بانتظار خروجهم .. وبين صورة بناته الحقيقية وهما يرتميان على صدره .. ثم سلمته شنطة بناته الحقيقية ليرى الفارق بين شنطة المدرسة السابقة .. وبين شنطة بناته الحالية التي تحمل بداخلها ادوات تخص المرأة ولا تخص العلم بشيء

    الحياة الطيبة .. شكرا لزيارتك المدونة
    وشكرا اكثر لمشاركتكِ

    ردحذف
  5. دايما ما نعرف قيمة اللي عندنا اللي عقب ما نفقده واللي عنده ام واب ما يحس بغلاهم اللي اذا فقدهم تكفون اي احد عند ام او اب يروح و يبوس ايدهم و راسهم و يحمد الله على النعمة الكبيرة اللي عنده ترا راح اييكم يوم تتمنون لو نظرة منهم وتتمنون لو تشمون ريحتهم او لو يتزاول لكم خيالهم اي شي منهم يارب ترحم امي وابوي و جميع موتى المسلمين  

    ردحذف
  6. معجبة

    نعم هذا صحيح .. واتمنى بان يهتم من لديه والدين لا زالوا احياءا ان يهتم بهما ويرعاهما فله اجران في الدنيا والاخرة وحياة طيبة حتى يلقى وجه ربه

    اسأل الله سبحانه الرحمة والمغفرة لوالديكِ انه سميع محيب ..

    وشكرا على المشاركة

    ردحذف
  7. أبكيتني يا ابن السور
    لا حول و لا قوة إلا بالله :(
    الله يعينا يا رب على بر والدينا فهما أغلى ما نملك :"(
    و الله يهدي كل من قصر في حقهما

    يزاك الله خير على هذه الوقفه :)

    ردحذف

إرسال تعليق

اقرأ أيضا :

سر رقة البنات بالهاتف

سر تشابه الناس

هل صفات الحيوانات حقيقة

هل زوجتك خائنة

اصنعوا الحياة

هل للحب سرا

عيون المرأة ماسر سحرها

البويات سلوك وعلاج

هل كنا في الارض قبل خلقنا