أعيدوا مجد القلم

هناك اشياء في حياتنا لم تعد نستخدمها وقد اثرت في نمط سلوكياتنا الفكرية .. حيث اعتمدنا عليها وقمنا بالاتكال عليها  بعد الاتكال على الله سبحانه .. وهي ..  امور بعضها طيب .. وبعضها سيء .. ومنها القلم .. فلم يعد القلم مثلما كان في السابق من اهمية .. وانحصرت مهماته في الوزارات والمؤسسات من حيث تعبئة النماذج والتوقيعات والمدارس التقليدية التي لازالت تعتمد على القلم .. وبذلك .... لم يعد القلم كالسابق .. يكتب المقالات .. ولم يعد القلم يكتب ويحرر الاشعار والوجدانيات .. واصبح الكاتب يجلس امام جهاز حاسوبه ... وينتقل بأصابعه من حرف لحرف ليكون له ماأراد ..

شيء جميل وتقنية نقلتنا من بطيء الى سرعة .. لكن ... هناك اشياء تغيرت .. لم نحس بها .. ولم نلحظها .. ومنها .. ان الشاعر عندما كان يكتب خواطره .. كان ينتقل بفكره في ساحات الفنون والابداع .. فيرحل بنفسه .. ويرسم فنه .. ويبدع بحرفه .. ويتجاوب القلم معه .. يحتضنه بين اصابعه محبا عاشقا .. فيكونان معا انشودة رائعة جميلة تنتج دائما عملا مبدعا  .. لكن اليوم ... الكاتب ..  نظره في الشاشة .. وفكره مشغول في كيفية تكوين الجمل  .. فيبحث مره عن حرف ألف ومره عن حرف الضاد .. منتقلا بذلك في هم اخر بربط القافية بالقافية .. فماتت معه صور الجمال .. وماتت معه فنون الابداع ...

لكن .. القلم لم يمت .. فالله سبحانه يقول ( علم بالقلم ) والقلم ليس شرطا ان يكون القلم التقليدي الذي نعرفه .. فقد يكون اصبعا تخط به على التراب .. وقد تكون خشبة  تحفر بها طين .. وقد يكون مسمارا تحفر به حائطا .. وقد يكون كما هو اليوم نطبع الحرف وننشره .. لكن كل هذه لن تكون مثل الثلم التلقليدي .. لاسباب تتعلق في النفس البشرية ..

فالقلم يرتبط باحساس اليد .. ويتجاوب مع احساس اليد .. ويصدق مع اليد .. فلا يرسم الا كما رسمت .. ولا يكتب الا بما كتبت .. ولا ينحرف ولا يتغير .. ولا يتبدل .. لكن في الطابعات .. قد نرسل رسالة تطبع بها حرفا زائدا .. يغيّر من معاني الكلمة .. او قد نطبع رقما يزيد من الرقم الاصلي لمضاعفات خطيرة .. لكن في القلم التقليدي من الصعب الغلط فيه .. لانه ينقل الاحساس مباشرة للورق ..

وفي القلم .. احساس اخر .. فقد تكتب سطرا وتتوقف .. وتبدا بنقر القلم على المكتب بصورة لا ارادية .. بحثا عن الكلمات .. وهي دوافع مريحة للنفس .. بينما ينتفي هذا الشيء في الاجهزة التي تتعامل مع الكتابة .. وفي القلم .. ينحني له الرأس عند الكتابة .. مما يدفع القلب بان يضخ دما اكثر .. وبهذا يتمكن المخ بان يركز اكثر في المعاني والحروف والكلمات ..

وفي الكتابة  على الاجهزة في الانوار الساطعة المباشرة على العين .. تؤثر على عمليات التركيز .. فتشوش المخ .. الذي يحتاج بان يركز في المعاني والكلمات .. وفي القلم عندما تكون غاضبا .,. فانن تكتب بضغط القلم بقوة على الورق مما تفرغ شخنات الغضب ..

وعندما تكون مجبا .. فانك عندما تكتب احبك تكتبها باحساس المحب العاشق .. وينساب القلم بين يديك عاشقا مثلك يحس بعشقك وولهك  لمن تحب  .. ثم هناك شيئا اخر مرتبطا بالقلم .. الا وهي الورقة التي تكتب فيها .. والتي ترسل للشخص الذي تريد مخاطبته .. فيستلمها ويقرأها .. فالورقة التي يمسك بها الشخص ويقرأها تكون اكثر تأثيرا من رسالة الاميل .. الذي يقرا مابها قراءة عادية لا احساس بها ..مع هذا ...  فاننا نتطور .. وعلينا ان نتقبل هذا التطور .. ومع مرور الزمن .. قد تتطور مداركنا معه .. ومشاعرنا معه  وقد تحل هذه الاجهزة يوما .. مكان القلم واحساساته الرائعة