انصف نفسك

الكثير من الناس عندما يرسل رساله .. او يكتب مقاله .. يبدأها باسم الله الرحمن الرحيم .. وعلى من يفعل هذا .. ان يدرك انه وضع اسم الله سبحانه في بداية رسالته .. وهذا يعني .. ان ماسوف يكتبه .. هو بأسم الله سبحانه .. ويسأل نفسه .. بعد ان يكتب رسالته .. هل هذه الرسالة هي تليق باسم الله سبحانه وسلطانه وحكمته وقوته ورحمته .. او انها غير ذلك ..

فان كتب رسالة تهديد .. فان الله هو الاقوى .. وان كتب رسالة طلب مساعدة .. فكيف يطلب مساعده وهو يبدأ رسالته باسم الكريم .. وان كتب شتما وذما .. فهل يليق باسم الله سبحانه ان يكون اسمه فوق هذا الشتم وفوق هذا الذم .. علينا ان نفهم .. اننا عندما نكتب بسم الله الرحمن الرحيم .. ان نعلم .. اننا نكتب باسم الله .. خالق كل شي .. ثم الرحمن ثم الرحيم ..

النفس البشرية مفطورة على حب الخير .. ومفطورة على التجانس وحب الناس .. لكن الظروف التي تحيط بها .. او الظروف التي مرت عليها .. او التجارب التي خاضتها .. قد تشكل في ذاتها تصنيف للناس .. فهذا احبه .. وهذا لا احبه .. وهذا طيب .. وهذا غير طيب .. وهذا مرغوب .. وهذا غير مرغوب .. وعلينا ان نعلم .. ان الذي لا نحبه .. والذي حكمنا بعدم طيبته .. والذي لم نرغب به .. ليس له ذنبا في ظروفنا .. وليس له ذنبا فيما مر علينا من تجارب او ظروف ...

 ولا يجوز ان نحكم على الناس على اشكالهم او على الوانهم او على السنتهم او ما يدخل في نفوسنا من نفور .. فالقلوب مفاتيحها عند الله سبحانه .. والنفوس مجهولة لا يعلم طيبها وخبثها الا الله سبحانه .. وعلينا ان نكون منصفين مع الناس .. متوادين مع الناس .. مترابطين مع الناس .. فان ظلمنا احدهم .. فان كل الناس لم يظلمونا .. وان غدر بنا احدهم .. فان كل الناس لم يغدروا بنا .. وان نفتح قلوبنا للجميع .. نبتسم في حب .. ونهمس في حب .. ونعطي في حب ..

فلا نبخل .. ولا نظلم .. ولا ننقص من حقوق الاخرين شيئا .. كلنا سواسية .. لا احد منا احسن من الاخر ولا افضل منه .. فمهما ملكنا من مال .. لن نملك يوما واحدا من ايام الدنيا .. ومهما كانت صحتنا قوية ورائعة .. لا احد منا يعلم ماسوف يصيبه غدا .. فقد يغتني الفقير .. وقد يقف المتعثر .. وقد ينتصر المظلوم .. فلا تكن يوما ظالما .. ولا تكن يوما مسرفا في تصنيف الناس .. فلا احد اعطاك رخصة في ذلك .. فالله سبحانه أمرك .. ان تحب للناس ماتحبه لنفسك ..

الان .. وقد ادركت معاني الحب .. ومعاني الايثار ... ومعاني التضحية .. فان ماتكبته للناس .. يجب ان يكتب بما يرضي الله سبحانه ... ومن ثم يرضي نفوسهم ..  فلا تثير فيهم غرائز ساكنه .. ولا تفتح جروح نائمة .. ولا تثير فتنة .. ولا تكتب عداوة .. ولا تنبش في ماضي .. ولا تسبق الاحداث تحليلا ونقدا ..

وكن بين ذلك وذلك منصفا عادلا طيبا نظيفا ... ان كتبت باسم الله سبحانه .. فاكتب بما تعلم انه يليق به .. ويليق بمقامه .. ويليق بعظمته .. ويليق بجلاله .. ان كتبت باسم الله سبحانه .. يجب ان تعلم انك مسؤول امامه .. وانك كتبت اسمه في امر نهاك عنه وامرك بتركه ... كن محبا يحبك الناس .. كن منصفا يلتف حولك الناس .. كن طيبا يذكرك الناس ...