طلعة بر

من احب الاماكن الى قلبي .. واقربها .. هو البر ( الصحراء ) .. هذا المكان الكبير .. الذي تغطيه رمال ساحنة  صيفا .. ورائعة شتاءا .. وجميلة ربيعا .. في صغري ... كنت احرص على مرافقة اهلي للبر .. حيث خيامنا واهلنا وناسنا ومن يحبنا ونحبهم .. في جمع كبير .. وحديث جميل .. وصحبة ممتعة .. ووقتا مرحا .. ولاني اهيم في البر .. واعشق البر .. كنت اسرح فيه كقيس المجنون .. فاترك اهلي .. واغدو بعيدا .. العب بالصخر .. واداعب الزواحف .. وانط بالهواء .. واسابق نفسي ..

وكان احبها في البر الغنم .. حيث كنت اسرح مع الراعي .. والعب معها .. واجلس مع راعيها .. الذي تعرفه وتسكن اليه .. حيث كانت تنفر مني .. وتخشاني .. ولا تقترب حتى من ظلي .. فكان هذا الشيء يثيرني ويغضبني .. فكنت اسكت .. لكني ماطقت الصبر .. وانا اشوف الغنم تتجاهني ... فصرخت فيها بدون وعي   .. هذا راعي  .. تفهمون شنو يعني راعي .. هذا ... ( واشير بيدي نحوه ) يشتغل عندنا .. نحن من نملكك .. 

فكان راعي الغنم .. ينظر اليّ ويسمع كلامي ... ولا يتكلم .. وفي يوم .. كنت العب وحدي في البر  .. فرايت راعي الغنم جالسا بعيدا ... ينكث الارض بعصاة صغيرة .. فغضبت ... لاني ماعدت ادانيه ( أحبه ) واقتربت منه ... وقلت له .. اذهب احضر الغنم لترعى .. فنظر الي .. ولم يرد .. فأعدت عليه الجملة .. فقال لي بصوت خافت ...وهو ينكس رأسه الى الارض .. الغنم ماتبي تجي معي  ..

فاستغربت .. وقلت له ..  .. ماتبي تجي معاك .. فقال .. نعم .. ماتبي تجي معي  .. فضحكت بغضب شديد .. وقلت له .. وليه ماتبي تجي معاك وش مسوي لها .. فقال .. وهو لا زال ينظر في الارض ... وينكثها بعضاه الصغيره .. الظاهر انها سمعت كلامك وعرفت اني ماني بصاحبها الاصلي .. ثم رفع راسه .. وقال لي .. انا احبها .. وكنت دائما احسسها باني صاحبها .. اطعمهم واسقيهم واتعب في رعيهم  .. مع اني ادري انكم اصحابها  ... لكن اليوم راح هذا الحب ... بعد ان كشفت لهم السر .. وعرفوا  باني غريب .. ثم نهض من مكانه .... واختفى بعيدا عني .. بينما وقفت في مكاني متسمرا .. 

لم يعد الراعي الينا .. واستغرب ابوي تصرفه .. وسال عنه .. لكني لم اتكلم .. وشعرت بحزن ابوي عليه .. فهو يحبه كثيرا .. ويعطف عليه .. حيث أحزنه اتصال الراعي فيه ... واعتذاره عن العمل .. وبعد ايام .. كان ضحى .. وكان ابوي جالسا في الخيمه يشرب قهوه .. فدخلت عليه .. ووقفت امامه .. فنظر اليّ .. وسألني .. علامك حد ضايقكك .. فقلت له .. يبه .. بعلمك شي .. فقال لي .,. قل وشفيك .. قلت له .. يبه .. انا غلطت في الراعي .. وعلمته القصه كلها .. وهو يسمع وساكت .. وبعد ان فرغت .. نهض من مكانه ... وقال تعال معي 

ركبت معه بالسيارة .. وراح في مكان بعيد .. لين وقف عند جاخور .. ونزلت معه .. حيث دخلنا الجاخور .. ووجدت الراعي جالس مع ربعه .. فلما رانا نهض وسلم على ابوي .. فنظر ابوي اليّ .. فتقدمت من الراعي .. ومديت ايدي له .. وقلت له .. انا علمت ابوي بغلطتي .. وانا اسف على الكلام اللي قلته لك .. وتراني دشيت على الغنم .. وعلمتهم باني جذاب .. وانك صاحبهم .. وصدقوني ويبونك الحين ...

فضحك ابوي وضحك الراعي .. ثم قال ابوي .. ترى نواف ماجذب .. الغنم للي يباشرهم ولي معهم .. وهذا بزر مايعرف اصول الرعي .. ولا يعرف اصول الكلام اللي لزوم يثمنه قبل لا ينطقه .. ورد الراعي معنا ... لكن .. ابوي ماسكت على هالسالفه .. حيث حرمني من طلعة البر وردني بيت عمي ... ولما شغل سيارته لحقته وانا ابكي وقلت له .. يبه انا احب البر خذني معك .. فقال .. لزوم تتعاقب .. فقلت يبه انا اغتذرت للراعي .. فقال لي .. هذه وحده .. لكن انت كذبت .. انت قلت هذا ملكنا .. وهذا الحلال ماهو بملكك هذا الحلال لي وان مت بتاخذه .. وثاني شيء انت رفعت نفسك على شخص يمكن يكون افضل منك باخلاقه وبدينه وبصدقه وبامانته .. وثالث شي .. دخلت نفسك بشي لا تعرفه ولا تبخصه .. وسويت مشكله كان ممكن تتعبنا وتشغلنا لين نلاقي راعي بمثل اخلاقه .. ثم شغل سيارته ورفع الجامه وتركني واقف .... واختفى عني