العقاب والكتاب

كانت لدى الوالد هواية عجيبة  .. وهي جمع الكتب القديمة .. كان يسافر ويبحث عنها في كل مكان ويجمعها .. ويحفظها في مكتبته ..وكنت وقتها صغيرا .. فكنت استغرب من هذه الكتب الصفراء .. واستغرب من هشاشة اوراقها وقدم طباعتها .. واقول بيني وبين نفسي .. كيف ينفق الوالد هذه المبالغ على كتب قديمة كهذه ..


وسألت امي يوما .. هل الوالد رجلا مشعوذا .. فضحكت كثيرا .. وقالت .. ولم خطر لك هذا الخاطر .. قلت .. ان شكل الكتب كأنها كتب ساحر .. وحين يذهب الوالد لعمله عصرا كنت مع اصدقائي ناخذ هذه الكتب .. ونلعب بها بالصالة .. فكنت ارتدي غترة حمراء واغطي بها شعري .. وانزل براسي على الكتاب اقرا كأني ساحر .. فكان اصدقائي يضحكون وانا اضحك معهم ..


وفي يوم .. حضر الوالد مباغته فشاهدني بهذا المنظر .. فلم يتكلم .. وهرب اصدقائي منه .. ثم ناداني لمكتبه .. وطلب مني ان اجلس .. ثم طلب امي فحضرت ..  فقال لها هاتي الميزان حالا .. فاحضرت الميزان وقال لي .. قم فاصعد الميزان وقل لي كم وزنك .. فخفت منه فتقاطيع وجهه حادة توحي بالصرامة والقوة .. فصعدت على الميزان .. وقلت له وزني هو 40 كيلو .. فقال ..  انزل وعد لي ورق هذا الكتاب الذي كنت تسخر منه ..


فنزلت من الميزان وجلست اعد ورق الكتاب .. فا ذ بها تتجاوز ال600 ورقة .. وقال لي .. لقد دفعت دينارا في كل ورقة من هذا الكتاب .. فقم بعملية قسمة بين وزنك وبين قيمة هذا الكتاب .. فقمت بما طلب مني وأعلمته النتيجة .. فقال .. والان ماهو علمك ... قلت ماذا تعني .. قال أي صف انت .. قلت في المتوسط .. قال ان هذا الكتاب يتكلم عن علوم تؤخذ بها شهادات الدكتوراة .. فكم بينك وبينه من علم ..


فصمت ولم اتكلم .. فقال .. هل تتفق معي ان هذا الكتاب يفوق وزنك وعلمك .. قلت نعم .. قال والان انت تعلم انه لابد من عقابك .. فرددت عليه بهز راسي وامي واقفه تسمع .. فنهض من مكتبه واشار بيده نحوي .. وقال لها .. اقفلي عليه باب المكتب وليقرأ ال600 ورقة ولن يخرج من هذه الغرفة حتى أتأكد انه قرا الكتاب كله ..


ولم اذهب في اليوم التالي للمدرسه .. ولم اذهب اليوم الذي بعده للمدرسه .. وجلست ثلاثة ايام في مكتب ابي اقرا الكتاب .. حتى فرغت منه .. وحضرت عنده وهو جالس في الصالة .. وقلت له .. يبه قريت كل الكتاب .. فنظر الي .. وقال .. والان .. اذهب نظف غباره وضعه في مكان مناسب في المكتبة وان فعلتها ثانية فاني لن ادعك تذهب للمدرسة ابدا.. ولا مانع لدينا ان تكون وظيفتك خادما في مكتبة .. بدلا ان تكون حاملا علم في قلبك وفكرك ..


فاشارت امي بان اقبّل رأسه .. فتقدمت منه .. وقبلت رأسه .. ووعدته الا اعود لفعل هذا ابدا